ما الذي يحتاجه الجيل Z للنجاح في مكان العمل
  • الثلاثاء, 01 مارس 2022
  • 4062

ما الذي يحتاجه الجيل Z للنجاح في مكان العمل

من هم أبناء الجيل Z او Gen Z ، وكيف مضى الوقت بهذه السرعة التي صرنا بها نتحدث إليكم عن دخول الجيل Z سوق العمل والمنافسة وعن طبيعة هذا الجيل المميزة والتي تستحق تسليط الضوء عليها.

أعضاء الجيل Z هم الأفراد الذين ولدوا بين عامي 1995 و 2010 . عاصر هذا الجيل تحديدًا أكثر الانتقالات التكنولوجية والمعرفية ومعطياتها التي عرفتها البشرية منذ بداية الحضارة، وهذا بالتأكيد منح هذا الجيل الواعد العديد من الصفات والقدرات الاستثنائية. بحيث أنهم ولدوا بوجود هذه التكنولوجيا مما جعلها جزء أساسي من حياتهم وبالتالي اكسبتهم مهارات تقنية عالية، ومرونة في العمل والتعليم ومن ثمّ مجالًا أوسع للإبداع، وقدرة أكبر على التأقلم، ومعرفة أوسع بعدة مجالات في وقت واحد. ومن هنا تأتي أهمية جعلهم جزءا لا يتجزأ من تركيبة المؤسسات الحديثة لضمان وجود عقول يافعة وتفكير شبابي مبدع ومرن وواسع الحيلة. 

لا يمكن إنكار مدى تميز هذا الجيل الجديد وتفوقه، ولكنه لا ينفي حقيقة  نشأتهم  في عصر التوتر والقلق المتزايد.  حيث يقول حوالي 70 ٪ من المراهقين  والشباب اليافعين من جميع الأجناس ومستويات دخل الأسرة أن القلق والاكتئاب يمثلان مشاكل كبيرة بين أقرانهم ، وفقًا لمركز  Pew Research Center للأبحاث.

تعددت العوامل التي تسببت في صناعة هذا القلق والاكتئاب ولكنها ليست محصورة في عامل أو عاملين؛ حيث يذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي تعرض خصوصيات الأفراد للنشر وكذلك وجود عنصر مقارنة مستمر يشكل ضغطا كبيرًا ، ساهم في صناعة هذه المنظومة من الظروف المقلقة للجميع وتحديدًا لهذا الجيل كونه تعرض لها في سن أصغر ولمدة أطول.

وليزداد الأمر تعقيدّا، جاءت جائحة فايروس كورونا لتجعل الأمور أكثر صعوبة عليهم، فقد انتقل العديد من هذا الجيل من مرحلة دراسية لأخرى من خلال التعلم عن بعد، الذي أفقدهم جزءا كبيرًا من الاحساس بالواقع والقدرة على التعامل معه او حتى الشعور بالتغيير والاستمتاع به والتكيف معه. ونفس الأمر ينطبق على من أنهى آخر سنوات الدراسة عن بعد وباشر في رحلة صناعة المسيرة المهنية عن بعد أيضًا.

فالسنوات الماضية والتي شهدت مراحل لم يكن فيها أي تواصل إنساني وجاهي، أو تفاعل مباشر بين الأفراد وبيئتهم، شهدت تغيرا في طبيعة شخصيات الأفراد من جيل Z الذي كان يمر بمراحل انتقال جوهرية دون أن يتفاعل معها عن قرب، أو حتى يمتلك الفرصة ليعيش المرحلة ويستمتع بها، بقدر ما خلقت هذه الظروف جيلاً أكثر قدرة على التعامل مع التكنولوجيا، ومرونة من ناحية التأقلم مع التغيرات، إلا أنها أثرت على القدرات الوظيفية المتعلقة بالتواصل، الذكاء العاطفي اللازم للتطور، وغيرها من المهارات التي يحتاجها الإنسان للتفاعل مع بيئته المحيطة والنمو فيها.

وهنا يأتي دور المؤسسات وأصحاب العمل في فهم طبيعة هذا الجيل المميزة، والعمل على تجهيز بيئة تناسبهم وتساهم في تكيفهم مع العمل وتعزز قدرتهم على الإنتاج والتفاعل والنمو. وسنركز في هذا المقال على ثلاثة جوانب يجب أخذها بعين الاعتبار عند التعامل مع الجيل Z ، سواء كموظفين أو متدربين ضمن طواقم العمل.

 

 إعادة هيكلة المرحلة التدريبية والتجهيزية للموظفين الجدد

عادة ما تكون المرحلة الأولى من دخول الموظفين للمؤسسة هي مرحلة تجريبية وتعليمية للطرفين ويسعى فيها الأفراد للاندماج والتعلم وفهم طبيعة العمل. وتشمل هذه المرحلة عدة تدريبات تقنية ومعرفية تقدمها المؤسسة، وهنا تأتي أهمية إعادة هيكلة هذه البرامج التدريبية بحيث تكون أكثر تفاعلا وفيها وقت أطول لمنح الموظفين من جيل Z فترة أكبر للتأقلم والتفاعل. وكذلك إضافة برامج تدريبية متخصصة بتنمية مهارات الأفراد الاجتماعية وغيرها من التدريبات التي قد ترى المؤسسة ضرورة إدراجها في الجدول.

 

تمكين فرص الاستشارة والإشراف

تظهر الدراسات أن الموظفين الذين يمتلكون أشخاص يوجهونهم ويقدمون المشورة لهم يتطورون بشكل أفضل وأسرع من غيرهم، وهذا العامل سيكون أكثر أهمية مع الجيل Z، حيث أنهم فقدوا عنصر التواصل البشري المباشر لمدة، ولذلك فإن توفير مثل هذه الفرصة يمنحهم بيئة آمنة ليطلبوا المشورة ويتعلموا بصورة تفاعلية تساعدهم على فهم طبيعة العمل بشكل أفضل والتعامل مع مشاكله.

 

إدارة القلق وبناء بيئة آمنة

إن ارتفاع مستويات القلق والاكتئاب الحادة بين أفراد جيل Z تجعل من وجود بيئة عمل آمنة عنصر جوهري في التعامل معهم كموظفين وفي منحهم الفرصة لزيادة الانتاجية وتحسين الأداء، لذلك فإن وجود بيئة تفاعلية صحية ونظام عمل مرن وفعاليات اجتماعية بين الحين والآخر سيجعل من مكان العمل أقل توترًا وبالتالي سيكون القدوم للعمل أمرا محببًا لا بل وجاذباً للأفراد لما يستطيعون الحصول عليه في هذه البيئة مما لا توفره غيرها،  وقد تحتاج المؤسسات من حين لآخر للقيام بدورات متخصصة في إدارة القلق والتعامل مع مشاكل الصحة النفسية للموظفين لمساعدتهم على التعامل مع مشاكلهم والذي بدوره سيحسن من إنتاجهم ويزيد من إبداعهم الذي يصب في نهاية الأمر في مصلحة الجميع.

 

حاولنا في هذا المقال مساعدتكم على فهم طبيعة هذا الجيل الجديد ، أو فهم طبيعة جيلكم في حال كنتم من جيل Z. إن وجود جيل جديد يدخل سوق العمل، يعني دخول العديد من الأفكار الجديدة والإمكانيات المذهلة التي ستشكل إضافة نوعية في حال تم التعامل معها بالطريقة المناسبة . ولا شك بأن المستقبل يخبئ لهم فرصاً عظيمة وآفاق جديدة ونسعى نحن جميعًا لجعل هذا ممكنًا .