بعضٌ من كل ما يتعلق بالموارد البشرية!
812
الثلاثاء 28 فبراير 2023

الإجهاد الوظيفي: أسبابه وطرق تفاديه

في ظل التغيرات السريعة التي نراها اليوم في عالم الأعمال، أصبح الإجهاد الوظيفي مشكلة شائعة يعاني منها نسبة كبيرة من الموظفين حول العالم في مختلف القطاعات. يعرّف الإجهاد الوظيفي بأنه حالة من الإرهاق النفسي والجسدي الناتج عن ضغط العمل المفرط والمطوّل. ينتج عن الإجهاد الوظيفي مشاعر سلبية كثيرة مثل الشعور بانخفاض الثقة ومشاعر الانفصال عن المحيط والاكتئاب والقلق. لا يؤثر الإجهاد الوظيفي على الصحة النفسية للموظف فحسب، بل يؤثر كذلك بشكل سلبي على إنتاجية الشركة وثقافتها. غالباً ما يتم إلقاء اللوم على الموظفين في حالات الإجهاد الوظيفي، إلّا أن المسؤولية تقع على عاتق الشركة أولاً. نستكشف من خلال هذه المقالة أبرز الدلائل على وجود إجهاد وظيفي لدى موظفي الشركة وأبرز الأسباب وبعض الطرق والحلول التي من شأنها الحد من هذه المشكلة. 

 

مؤشرات الإجهاد الوظيفي 

للإجهاد الوظيفي العديد من المؤشرات والسلوكيات التي قد تلاحظها الشركة، ومنها انخفاض مستوى التحفيز لدى الموظفين. غالباً ما يشعر الموظفون الذين يعانون من الإجهاد الوظيفي بعدم وجود حافز أو جدوى من جهودهم، ويبدو أثر ذلك جلياً عند ازدياد معدلات التأخير أو عدم الرغبة بحضور الاجتماعات أو فعاليات الشركة، كما يُلاحَظ إنخفاض مستوى الإنتاجية والإبداع وازدياد معدلات الشعور بالقلق والتوتر والغضب مما ينعكس سلباً على صحة الموظف وطريقة تعامله مع زملائه في العمل والمجتمع من حوله بشكل عام.

إذا لاحظت الشركة أي من السلوكيات أعلاه على الموظفين فلابد من تقييم الوضع للبحث في الأسباب التي قد تكون سبباً للإجهاد، ومن ضمن أبرز الأسباب ما يلي: 

 

كثرة المهام الموكّلة إلى الموظف 

قد يؤدي سعي بعض الشركات إلى إنجاز أكبر قدر ممكن من العمل بأقل التكاليف إلى توكيل الكثير من المهام لموظفيها الحاليين، مما ينعكس بشكل سلبي على الشركة. يدفع ذلك الموظف إلى الإسراع للتمكّن من أداء المهام الموكّلة إليه مما يؤدي إلى حدوث عدد أكبر من الأخطاء التي تؤذي الشركة في المقام الأول. تدفع كثرة المهام الموظفين أيضاً إلى البحث عن فرص عمل أخرى مما يزيد معدل دوران العمالة. 

يمكن للشركات حل هذه المشكلة بخفض أعباء العمل. ولتحقيق ذلك، على الشركة زيادة القوى العاملة في القسم الذي يعاني الموظفون فيه من الإجهاد مما يساعد في تقليل عدد المهام الموكلة إليهم. كما يمكن للشركات وضع أهداف وتوقعات معقولة يمكن تنفيذها والأفضل أن يتم إشراك الموظفين في تحديد الجدول الزمني المتوقع لتنفيذ المهام الموكلة. أما من جانب الموظف، فمن المفيد تقسيم المهام تبعاً لأهميتها، والبدء بإنجاز المهام المستعجلة أولاً وتأجيل المهام التي يمكن تأجيلها. 

 

انعدام فرص  التطور الوظيفي وفقدان الأمل 

يَهدُف الموظفون حول العالم إلى التطوّر المهني والتقدم الوظيفي، وما يترافق مع ذلك من تحسّن في المسمى الوظيفي وارتفاع في العائد المادي. إن لم يشعر الموظف بأن عمله سينتج عنه تقدّم وظيفي، فسيبحث حتماً عن فرص في أماكن أخرى. يولّد عدم الشعور باحتمالية التطوّر شعوراً بالإحباط وفقدان الشغف. هناك العديد من الأمور التي يمكن للشركات فعلها لحل هذه المشكلة، وأهمها وضع خطة واضحة للتطوير الوظيفي والتي تبدأ بتوفير فرص التدريب لتطوير وصقل المهارات ورفع الأداء وتهيئة الموظفين لشغل مناصب أعلى، حيث يحصل الموظف على زيادة في الراتب، وهو يعد العامل الأبرز لتحفيز الموظف وزيادة الولاء والعطاء والإنتاجية. 

 

الشعور بالظلم وعدم التقدير

غالباً ما يشعر الموظفون الذين يعانون من الإجهاد الوظيفي بعدم التقدير لجهودهم و مهامهم المبذولة، ولا يشعرون بأهمية ما يقدمونه من عمل للشركة. تولّد هذه المشاعر شعوراً سلبياً وتؤدي إلى انخفاض الحماس لدى الموظفين، والعكس صحيح. ينعكس إيمان الموظف بمهمته وقيمة عمله على أدائه وثقته بنفسه وبقدراته، ويزيد ذلك من ارتباطه بالشركة التي يعمل فيها، وبذلك يسعى بشكل دائم إلى تقديم الأفضل.

على الشركة تبنّي سياسة التقدير والثناء المستمر من خلال الانتباه إلى جهود الموظفين وتقديم الثناء بطرق مختلفة. من المهم فهم أن الهدف ليس إرسال رسائل شكر دورية فحسب، وإنما جعل الموظفين يشعرون بملاحظة الشركة لجهودهم وتقديرها لما يقدمونه من عمل. من الجيّد أيضاً تذكير الموظفين برؤية الشركة وتذكيرهم بدورهم في تحقيق هذه الرؤية، مما يزيد من حس المسؤولية ويخلق رابطاً قوياً بين الموظفين والشركة. 

 

عدم وضوح أو سوء التواصل 

لكل وظيفة وصف وظيفي واضح يتم الاتفاق عليه بين الشركة والموظف قبل بدء العمل، ويجب على كل مدير توفير تفاصيل وافية للموظف عن أي مهمة يتم تكليفه بها. يمكن أن يؤدي عدم وضوح التعليمات المقدمة للموظفين أو عدم وجود وصف وظيفي واضح إلى نوع من الضياع والإحباط، ومن الممكن أن يؤدي سوء التواصل إلى إضاعة الوقت على مهام كان من الممكن تخطيها وحدوث الأخطاء التي كان من الممكن تجنبها، وكل ذلك قد يؤدي إلى الإجهاد الوظيفي. يمكن للشركة تجنب ذلك من خلال توجيه المدراء لإعطاء تعليمات وأهداف واضحة وطرق تساعد على تحقيق تلك الأهداف، كما لا بد من إيضاح دور كل موظف داخل الفريق حتى يعمل الفريق كمجموعة متناسقة نحو هدف محدد. 

يمكن أيضاً الاستفادة بشكل كبير من الحلول التقنية المتاحة اليوم لتيسير التواصل بين الموظفين، مثل نظام Mena360®،والذي يسهّل التواصل بين الموظفين والعملاء والمدراء، وذلك للحفاظ على الفاعلية والإنتاجية ضمن المؤسسة. ويقدّم هذا النظام السحابي المتكامل حلاً شاملاً يجمع كل ما هو بحاجة إلى تقييم وتحسين وتحليل آداء للتأكد من أن الجميع يعمل يداً بيد لتحقيق أهداف المؤسسة.

عدم تقدير وقت الراحة 

مع تطوّر التكنولوجيا و تقدّم أدوات التواصل مثل رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية وتطبيقات الدردشة، أصبح بالإمكان التواصل مع الموظفين على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، الأمر الذي يصعّب على الموظفين الانفصال عن العمل في أوقات الراحة. لتفادي هذه المشكلة، يجب على الشركات وضع قوانين صارمة تمنع المدراء من التواصل مع الموظفين خارج ساعات العمل إلا في حالات الضرورة القصوى. 

 

بيئة العمل السلبية

تزيد بيئة العمل السلبية التي تتميّز بارتفاع متطلبات العمل وانخفاض الدعم من خطر الإجهاد الوظيفي. 

يقع على عاتق الشركات واجب رعاية موظفيها، الأمر الذي يشمل توفير مكان عمل آمن وتقديم اهتمام حقيقي لصحة الموظف الجسدية والنفسية. ونظراً لتأثير الإجهاد الوظيفي الكبير على الموظفين والشركة والمجتمع كاملاً، تتحمل الشركات مسؤولية اجتماعية لمواجهة مخاطر الإجهاد الوظيفي. يمكن للخطوات التالية مساعدة الشركات على إحداث فرق ملموس من شأنه أن يساعد في تحسين بيئة العمل: 

  • توفير ترتيبات عمل مرنة تسمح للموظفين بإدارة عبء العمل وتحقيق التوازن بين الحياة العملية والشخصية بشكل فعّال.
  • تشجيع فترات الراحة المنتظمة لمساعدة الموظفين على إعادة شحن الطاقة وتقليل مستويات التوتر.
  • تقديم الموارد والدعم للموظفين مثل برامج مساعدة الموظفين وبرامج الصحة النفسية والجسدية.
  • خلق بيئة عمل إيجابية تعزز الدعم الاجتماعي وتعطي الموظف حقه في الشعور بالتقدير.

 

في الختام، يؤدي الإجهاد الوظيفي إلى خسائر  هائلة، ويمكن للمدراء وأصحاب القرار وضع قوانين وخطوات واضحة لتقليل احتمالية حدوثه. يؤدي تطبيق الشركات للنقاط التي قمنا بطرحها أعلاه إلى نتائج كبيرة في زيادة الإنتاجية والحد من الإجهاد الوظيفي.